الشهداء الأمميون لثورة روج آفا -4: كيث برومفيلد

جاء الأممي الأمريكي كيث برومفيلد إلى كوباني بقوله "أنا هنا، لكي أكون جزءاً من الحركة، وأقدم المساعدة"، لقد كان كما لو أنه وجد الشيء الذي كان يبحث عنه في الحياة، وخاض النضال والحرب حتى استشهد.

إن الحرب التي اندلعت بعد 15 أيلول 2014 في كوباني، استمرت بزخم أكبر، وكان الأمميون يأتون إلى كوباني من جميع أصقاع العالم للمشاركة في هذه المقاومة التاريخية، وكان كيث برومفيلد الأمريكي الأصل، أحد هؤلاء الأممين، كان يقول: "لقد جئتُ إلى هنا لكي أكون جزءاً من الحركة، ولكي أقدم المساعدة، وأنتم تعلمون أيضاً أنه بعد حدوث كل هذا الكم من الأحداث، فإن الشيء الأصح الذي ينبغي القيام به هو هذا الأمر"، وانضم إلى صفوف النضال والمقاومة.      

وُلد كيث برومفيلد في 3 آب 1979 في ولاية ماسوشيستس في الولايات المتحدة الأمريكية من عائلة توم ودونا، وكان برومفيلد مدير في شركة الانتاج لعائلته في ولاية ماسوشيستس، وأوضح بأنه بعد وقوع حادثة الدراجة النارية، فُتحت صفحة جديدة بالنسبة له في الحياة، وأراد أن يواصل حياته بالنضال، لذلك انخرط في البحث عن طريق وأساليب النضال، وسمع بأنه تجري مقاومة تاريخية في كوباني وأن المحاربين الأمميين يشاركون أيضاً في هذه المقاومة ضد مرتزقة داعش الذين انطلقوا من الموصل والعديد من المناطق العراقية واحتلوامناطق من سوريا، وبناءً عليه، انطلق من أمريكا ووصل إلى روج آفا في 24 شباط، وانتقل فيما بعد إلى كوباني، وانضم إلى النضال، وأطلق على نفسه اسم كلهات رومت.   

كما لو أنه وجد المكان الذي كان يبحث عنه

نظراً إلى أن غالبية الأشخاص الذين كانوا يناضلون في جبهات المقاومة بكوباني، هم من الكرد والعرب، فإن مشاركة المقاتلين الأممين أمثال برومفيلد ضمن نضال الحرية، كانت تشكل تأثيراً كبيراً على أهالي المنطقة والمقاومين الآخرين، وكان قد جاؤوا من بلاد بعيدة جداً، وكانوا من أعراق ومعتقدات مختلفة، لكنهم كانوا يتعلمون اللغة المشتركة، ويتبادلون أطراف الحديث، ويتناولون الطعام معاً، وينامون ويناضلون ويحاربون...وإن هذه الروح التي خُلقت في كوباني، ووصلت مع انطلاق ثورة روج آفا إلى أعلى المستويات لا يمكن وصفها.    

بعد أن وصل المقاتل الأممي كلهات إلى روج آفا، أراد أن يتوجه إلى كوباني، وبعد تلقيه التدريبات، ذهب بموقفه الحازم إلى جبهات المقاومة، وكان يتصرف كما لو أن وجد المكان الذي كان يبحث عنه لسنوات طويلة، وكان مطلبه الأكبر هو أن يتعلم اللغة الكردية، وأن يتعمق في إيديولوجية وفكر النضال لوحدات حماية الشعب (YPG)، وانضم بثقة وتصميم كبيرين ضمن صفوف وحدات حماية الشعب (YPG)، وكان يُستذكر في شوارع كوباني بين رفاق دربه من خلال موقفه المعنوي العالي وحماسه الكبير. 

"أنا هنا من أجل حياة حرة للجميع"

إن كلهات الذي بدأ الحياة بإخلاص كبير للديانة المسيحية، وبعد أن رأى ظلم داعش بحق الأديان والمعتقدات والذي كان يمارسه على المدنيين، اشتد غضباً لذلك, وقال "يتواجد هنا أناس من كل الأديان، وأنا أيضاً مسيحي، لكن مع ذلك، عشتُ مع السني والشيعي والإيزيدي وكل الأشخاص الآخرين، وأنا أتواجد هنا من أجل أن يتمكن الناس من العيش بطريقة حرة، فتنظيم داعش هو عدو للإنسانية، لا يهم من تكونوا، فأنا أؤمن بما تؤمنون، يجب أن تنتفضوا من أجل الوحدة والتضامن والحرية".  

أصبح قناصاً شجاعاً ومحترفاً

لم يكن لدى الشهيد أي خبرة وتجربة عسكرية، فعلى الرغم من مجيئه إلى روج آفا بهذا الشكل، إلا أنه أصبح خلال فترة وجيزة مقاتلاً محترفاً وقناصاً بارعاً، وانضم إلى وحدة القناصين في كوباني، وحارب ضد ظلم داعش ضمن الوحدة مع المقاتل الألماني رستم جودي وإلى جانب العديد من المقاتلين الأممين، وبعد تطهير مقاطعة الجزيرة من مرتزقة داعش، وبعد انطلاق مرحلة تحرير قامشلو للشهيد روبار قامشلو في 6 آيار 2015، انتقل مع وحدته إلى خطوط الجبهة الواقعة جنوب وشرق كوباني، وحارب باتجاه كريه سبي (تل أبيض) والتي تم احتلالها من قِبل الدولة التركية في 9 تشرين الأول 2019).  

استشهد كبطل وأقيمت له مراسم مهيبة 

استشهد المقاتل الأممي كلهات في الثالث من حزيران 2015 في الحرب الدائرة بقرية قنطره الواقعة غربي كوباني، خلال العمليات العسكرية ضد داعش، وأقام أهالي كوباني ورفاق دربه له مراسم تليق بروحه الفدائية وبحياته المشرفة، وقاموا بتسليم جنازته إلى عائلته من معبر مرشد بينار الحدودي، ومن ثم، دُفن جثمان كيث في ولاية ماسوشيستس الأمريكية، وقال المشاركون في مراسم: " لدى الإنسان الشيء الوحيد الأكثر قيمة، آلا وهو حياته، ولقد ضحى بحياته من أجل أهلنا وأرض كردستان، ونحن بدورنا، سوف نعتبره كبطل حتى النهاية".   

رفيقه الأممي الألماني رستم جودي تحدث في المراسم وقال: "لقد استشهد كيث كبطل، حقيقةً، كان إنساناً جيداً للغاية، وبقدر ما فهمت، فقد كان لديه حياة صعبة، وأنه كان سائق دراجة نارية، لكنه تغير وجاء إلى كوباني لكي يحارب من أجل الحرية، وعندما رأيته في آخر مرة، قال لي : "إذا ما متُ، أريد أن أموت في المعركة"، وقد تحقق هدفه، وربما يتساءل بعض الأمريكيين هل مات من أجل شيء جيد أم لا؟ لكنني أستطيع أن أقول بأنه مات من أجل شيء جيد ومشرّف".   

غداً : الشهداء الأمميون لثورة روجآفا -5: كاركر كوباني